ادعم المدينة

الأربعاء، 5 ديسمبر 2012


مقالات مختارة : المعاني المقلوبة في الأيام المضروبة - يوسف معاطي

بالشبه كده‏..‏ كنت أستطيع أن أفهم مايستعصي فهمه من التعبيرات العربية الغريبة بالنسبة لي‏..‏ فإذا قال لي أحدهم إيش لونك‏؟.. أو شخبارك‏؟..‏ كنت أقوم بعملية تمصير فوري للكلمة إيش مثلا‏..‏ يمكن أن تكون ايه‏..‏ ايه لونك؟‏!‏ يمكن هنا أن نترجمها‏..‏ عامل إيه‏..‏ وشخبارك تبقى: ايه الأخبار‏؟ ******* وإذا كنا في تونس مثلا‏..‏ وقال لي أحدهم‏..‏ يعيشك‏..‏ أستطيع أن أمصرها الى‏ الله يخليك‏..‏ وحينما سألني أحدهم في تونس برضه‏:‏ انت مِعْرس‏؟‏ لم أندهش‏..‏ رددت الكلمة فورا إى المصدر‏..‏ وفهمت انه يسألني‏..‏ انت متزوج؟ وقلت عن طيب! خاطر‏..‏ مِعرِس طبعا‏ وحتى في تركيا‏..‏ برغم أنني لا أعرف اللغة التركية‏..‏ استطعت أن أفهم‏..‏ وأن أتكلم مع أصدقائي هناك بكل سلاسة‏ طالما أن لهجتنا المصرية لاتخلو برضه من تمام‏..‏ أفندم‏..‏ مضبوط‏..‏ تاكميم البيس‏.. يعني طقم ملابس‏.. تاكسيت‏..‏ تقسيط طبعا مش عاوزة فكاكة‏ ولهجتنا المصرية لهجة جامعة شاملة‏..‏يفهمها كل الأشقاء العرب وكثيرا مايتكلمون بها خصوصا في مصر أو مع المصريين‏..‏ولاشك أن الاستعمار كان هو السبب المباشر في هذا الاختلاف في اللهجات‏,‏ والذي أدىإلى اختلاف في المواقف والآراء وأوصلنا الى حالة عامة من سوء الفهم وسوءالتفاهم‏..‏ ورغم كل شئ‏..‏ ظلت العامية المصرية‏..‏ لهجة بها كثير من الجمالياتوهي الأقدر على التأثير في الأغاني والأفلام والمسرحيات‏ ******* وفجأة‏..‏ قمنا من النوم الصبح ياعم الحاج فإذا بالناس يتكلمون بطريقة عجيبة‏..‏ قالوا شبابية‏..‏ الشفاة تتحرك بسرعة شديدة ويدلقون الكلام من أفواههم دلقاً‏ وبصرف النظر عن الألفاظ التي أضيفت الى قاموس العامية مثل روش وطحن وبيئة واحلق ونفّض‏..‏ إلى آخره‏..‏ ولكن المصيبة في استخدام بعض الألفاظ التي كنا نستخدمها في أغراض عكسية‏ مثلا يعني‏..‏ كلمة:‏ فظيع هذه‏..‏ أنا على ما أذكر كانت تعني شيئا سيئاً جدا‏ً..‏ وفظيعا لايطاق‏..‏ أما أن تقول لي إحداهن‏: بصراحة كاظم الساهر فظيع‏..‏ وهي تعني أنها معجبة به‏..‏ فهذا شيء لا أفهمه‏ ثم تقول: عمل أغنية جامدة قوي‏..‏ وأندهش أكثر‏..‏ جامدة‏.. الجمود شئ سيء أيضا‏ ثم تقول: الكلام حلو موت.. يانهار أسود‏..‏ وهل الموت حلو؟‏!‏ وهكذا بدأت المعاني تنزلق من على الكلام وصارت الألفاظ القبيحة تعني الجمال‏ فهذا مطرب صايع صايع أي أنه متمكن من أدواته وهذه مطربة سافلة‏‏ سافلة‏..‏ أي أنها عصرية جدا وهذا ملحن كافر وهذا مخرج عربجي وهذا مكان معفن طحن‏..‏ أي أنه مكان ستايل وروش.. وهذه تقول لي بسعادة‏..‏ مش عارف ليه:‏ أنا أصلي كده مهيّسة على طول‏الآنسة فخورة بعدم التركيز والمخ الضايع‏!!‏ ******* أخرى تقول لي‏: كنا بناكل تشاينيز فود إنما ايه قلة أدب‏..‏ انزعج وأسألها: وحش للدرجة دي‏..‏ ترد باستغراب‏: وحش إيه؟‏ بقولك قلة أدب‏..‏ يجنن يعني‏..‏ وحضرته يقول لي‏: أما شفت فيلم إمبارح‏..‏ ابن كلب‏..‏ فأسأله بسذاجة: ولماذا لم يعجبك؟‏ ينظر لي مندهشا ويقول لي‏:‏ بقولك ابن كلب‏..‏ وطلع الفيلم عاجبه‏..‏ تصوروا‏..‏ ألا توجد طريقة يعبر بها عن إعجابه سوى هذا اللفظ؟ وهكذا يا أعزائي‏..‏ صرت أفهم اللهجة الخليجية والليبية وحتى المغربية بسهولة شديدة‏..‏ بالشبه كده‏..‏ بينما صرت عاجزا عن فهم لهجتنا المصرية الجديدة‏..‏ ولذا فأنني أرجوكم إذا أردتم أن تعبروا عن إعجابكم! بكاتب هذا المقال مثلا‏..‏ إذا حصل هذا‏..‏ فبلاش ندخل الأب والأم في الإعجاب!

تعليقك يدعمني معنوياً 

▼▼▼▼▼
افتح بريدك واكتبه هنا وإضغط
ليصلك كل كتاب جديد بمجرد تنزيله على مدينة الكتب مجاناً ٫ معلومات أكثر عن الخدمة

0 التعليقات

قمنا بوضع هذا الصندوق لتسهيل عملية التواصل بيننا فتكلم حتي آراك !

إرسال تعليق